بخصوص الغش في الامتحانات

بادئ ذي بدء أتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ الفاضل سعيد بنقيلان- مدير المنتدى - لمقترحه الموفق القاضي بتأسيس وتعميق نقاش عن ظاهرة الغش خصوصا في الامتحانات الإشهادية . وهو بهذا المقترح يكون مسهما في نشر مبادئ السلوك المدني الذي نادت به مذكرات وزارية حديثة. وأضع بين يدي العموم هذا المشاركة المتواضعة، ولا أدعي لها إلا ما أباحه عنوانها، إذ العناوين إرهاصات كما يقال إن هو إلا توقيع عن ظاهرة الغش في الامتحانات. والله الموفق.
1- مقدمة:
للغش له صور متعددة ، و أشكال متنوعة ، ابتداء من غش الحاكم لرعيته ، و مرورا بغش الأب لأهل بيته ، و انتهاء بغش العامل البسيط في عمله ....... وهلم جرا
إلا أن حديثي سوف غلى الغش في الامتحانات ، و الذي أصبح يشكو كثير من المدرسين و التربويين من انتشاره.
ذالك أن الظاهرة بدأت تستفحل، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب، بل تجاوزتها إلى الثانوية و الجامعة
فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا أن اسمه على غلافه .
و كم من تلميذ قدم مشروعا و لا يعرف عما فيه .
و قد تعجب من بعض التلاميذ الذين يرمون من لم يغش بأنه معقد و متخلف و جامد الخ .. تلك الألقاب.
و لربما اتهم الذي لا يساعده على الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة و التعاون .
هذه الظاهرة التي أنتجها الفصام النكد الذي يعيشه كثير منا في مجالات شتى .
نعم لما عاش كثير من تلاميذنا فصاما نكدا بين العلم و العمل ، ترى كثيرا منهم يحاول أن يغش في الامتحانات ، و هو قد قرأ حديث الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) ، و لكن ذلك لا يحرك فيه ساكنا .
لأنه قد استقر في ذهنه أنه لا علاقة بين العلم الذي يتعلمه و بين العمل الذي قد يأتي بعد هذا العلم.
و لا أبالغ إن قلت: إن ظاهرة الغش قد يسهم في تكريسها وانتشارها بعض المدرسين و المراقبين عديمي الضمير، الذين لا يقدرون التربية حق القدر.
2- أسباب الغش :
هذه بعض الأسباب التي تنتج هذا الخلق المشين :
2 -1- ضعف الإيمان :
فان القلوب إذا ملئت بالإيمان بالله لا يمكن أن تقدم على الغش و هي تعلم أن ذلك يسخط الله .
لا يمكن للقلوب التي امتلأت بحب الله أن تقدم على عمل و هي تعلم أنه يغضب الله .
2 -2 - ضعف التربية :
خاصة من قبل الوالدين أو غيرهما من المدرسين أو المرشدين .
فلا نرى أبا يجلس مع ابنه لينصحه و يذكره بحرمة الغش ، و يبين له أثاره و عواقبه ،
بل ربما لو وقع الابن - وهو يغش في يد المراقب - للجأ ذلك الأب ليدافع عنه بالباطل
2- 3 تزيين الشيطان :
فالشيطان يوهم كثيرا من التلاميذ أن أسئلة الاختبارات الكتابية سوف تكون صعبة ، و لا سبيل إلى حلها ا إلا بالغش
فيصرفون الأوقات الطويلة في اختراع الحيل و الطرق للغش ؛ ما لو بذلوا عشر هذا الوقت في المذاكرة بتركيز لكانوا من المتفوقين .
2 - 4 الكسل و ضعف الشخصية :
إن الغش هو حيلة الكسلان ، و هو ديدان الفاشلين .
وهو دليل على ضعف الشخصية حيث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز عقبة الامتحانات بنفسه و جهده و استذكار دروسه لوحده لذالك لا يجيب معتمدا على مخزون ذاكرته .
2- 5 - الخوف من الرسوب :
فإن الخوف من الفشل يسبب قلقا مستمرا لكثير من المتعلمين مما يجعلهم يلجأ ون إلى الغش كسبيل للنجاة .

3- آثار الغش :
من ذلك :
3- 1- أنه سبب لتأخر الأمة ، و عدم تقدمها و رقيها ، ذلك لا ن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش ، فقل لي بريك : ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟
ما هو الهم الذي سيحمله كل واحد منهم ؟
ما شيء،دور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟
لا شيء، بل غاية همه؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يأكل منها قوته و رزقه.
لا هم له في تقديم شيء ينفع الأمة ،
و هكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها .
و نظرة تأمل للواقع : نرى ذلك واضحا جليا ، فعدد الطلاب المتخرجين في كل عام بالآلاف و لكن قل بربك من منهم يخترع لنا ، أو يكتشف ، أو يقدم مشروعا نافعا للأمة ، قلة قليلة لا تكاد تذكر . .
3 - 2- أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة، و الخداع، و الكذب، و أعظمها الاستهانة بالله، و ترك الإخلاص، و ترك التوكل على الله..
3- 3 - أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراما، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
4 - علاج الغش
لاشك أن خطبة واحدة ، بل خطب لن تقاوم هذا المنكر العظيم .
لذا كان لا بد من تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة ، كل بحسب استطاعته و جهده .
فالأب في بيته ينصح أبناءه و يرشدهم و يحذرهم بين الحين و الآخر .
و المعلم و المرشد في المدرسة و الجامعة كل يقوم بالوعظ، و الإرشاد.
بل لابد من تشكيل اللجان التي تدرس هذه الظاهرة و أسبابها و اقتراح العلاج المناسب.
أسأل الله أن يسهل على أبناءنا ، و أن يحميهم من الغش و الخيانة ، و أن يأخذ بنواصيهم لما يحب و يرضى .